قصة شقة الست نورا -إيه الهيصة والزمبليطة دي يا عم حجازي؟
-حمد الله على سلامتك يا أستاذ رضوان، دي العمارة نوَّرت والخير على قدوم الواردين.. أصل عقبال ولادك؛ الست نورا اللي في الشقة اللي قدامك أخيرًا عقدتها اتفكَّت، وجالها ابن الحلال اللي يصونها.
-هي الشقة اللي قدامي سكنت؟
-ساكنة من سنة، وبعدين عندك حق.. أنت مسافر من خمس سنين ومتعرفش إن الشقة سكنت، النهارده ليلة الحِنَّة والفرح بُكره في ليلة رأس السنة.
-وأنت فرحان ليه كده، هو أنت العريس ولا إيه؟
-الله يحظّك يا أستاذ رضوان، لسَّه زي عوايدك الغربة مغيَّرتش فيك حاجة، كل الحكاية إنها ست وحدانية، ومحتاجة حد في حياتها تتسِند عليه، وعلى رأي المثل، ضِل راجل ولا ضِل حيطة.
-طيِّب وسَّع يا عم حجازي الله يكرمك، أنا مطبَّق من امبارح وتعبان من السفر، يادوب أطلع عشان بطاريتي فاصلة.
أخدت شنطتي وكملت طريقي، ورغم إن الإنارة كانت متعلَّقة على بلكونة الشقة اللي قدامي بس، لكن صوت الأغاني كان عالي؛ لدرجة إنه كان بيرن في مدخل العمارة من تحت..
وفي المدخل؛ دعيت ربنا الأسانسير ميكونش لسه بيمارس هوايته المفضلة، وهي إنه يعطل في الأوقات الحرجة، عشان مفيش فيا حيل أطلع الدور السابع على رجليا، خصوصًا في حالة الإرهاق اللي أنا فيها وشنطتي اللي وأنا بجرَّها حاسس إني بجُر صخرة ورايا..
طلبت الأسانسير ولقيته شغّال، انتظرت لحد ما نزل وبابه اتفتح، ركبت ودُست مفتاح الدور السابع.. أخدت نفس عميق وغمضت عيني، ومعرفش إيه اللي خلَّى كلام عم حجازي يتعاد في دماغي، ولقيتني بسأل نفسي: مين الست نورا اللي سكنت قدامي؟ وولادي مين اللي عم حجازي يقصدهم لما قال لي عقبال ولادك؟ أنا معنديش ولاد!
على ما سألت نفسي الكام سؤال دول كان الأسانسير وصل، خرجت ووقفت قدام باب شقتي، وعلى ما طلَّعت المفتاح من جيبي عيني جَت على باب الشقة اللي قدامي، أو حسب الوضع الجديد؛ شقة الست نورا، الباب كان متوارب، صوت الأغاني كان عالي جدًا، ومن إزاز الباب كان ظاهر خيال ستات كتير، وقدام الباب من برَّه عيني جَت على شجرة كريسماس متزيّنة بعود إنارة ملوّن.
على ما عيني لفَّت لفّتها كنت طلَّعت المفتاح وفتحت الباب، دخلت شقتي وقفلت ورايا، سيبت شنطتي في الصالة ودخلت على الأوضة، وبهدومي اترميت على السرير، وقُلت لما أقوم من النوم أبقى أشوف إيه الخطوة الجاية في حياتي..
فضلت أتقلّب على السرير، عيني كانت مغمَّضة لكني صاحي، وده بسبب صوت الأغاني اللي كان واصلني، محبّتش أطلع وأطلب منّها تقفل الأغاني؛ أو على الأقل توطّي الصوت، مهما كان دي أجواء فرح، برغم إني مكنتش بالع إن حد يتجوّز في أيام تلج زي دي، لكن كل واحد حر ويعمل اللي هو عاوزه.
بعد وقت طويل صوت الأغاني وقف فجأة، عرفت إن الليلة اتلمَّت والحِنَّة خلصت، وفي الوقت ده قدرت أغمَّض عينيا..
معرفش فات وقت قد إيه، لكن فتحت عيني على صوت الجرس، ومعاه كان في خبط شديد على الباب، رفعت الغطا من فوقي واتنفضت من السرير، خرجت من الأوضة وأنا مدروخ، صوت الخبط والجرس موقفوش لحد ما وصلت عند الباب، ولما فتحت؛ لقيت كذا شخص واقفين.. مكنتش فاهم إيه الحكاية، لحد ما لقيت واحد منهم بيسألني:
-أستاذ رضوان؟
ردّيت وأنا بقاوم النوم والدهشة وقُلت:
-أيون أنا، خير في حاجة؟
-محتاجينك تيجي معانا، هناخد منك كلمتين وترجع تاني.
-آجي معاكم فين؟ هي إيه الحكاية بالظبط؟
-لما تيجي معانا هتعرف كل حاجة.
لأني كنت لسَّه بهدومي، كل اللي كنت محتاجه إني أغسل وشّي عشان أفوق، وبعد ما استأذنتهم دخلت غسلت وشي وخرجت معاهم، وقدام الباب؛ عيني جَت على الشقة اللي قدامي، فرع النور اللي على شجرة الكريسماس كان مطفي؛ الباب كان مفتوح والدنيا ساكتة، برغم إني لمحت كذا شخص جوَّه الشقة، ولما نزلت معاهم؛ لقيت عربيات شرطة قدام العمارة، ده غير إني لقيت تجمّع جنب مكان متحاوط بشريط أصفر، مكتوب عليه مسرح الجريمة، وفي المكان ده شُفت رسمة بالطباشير محددة مكان حد كان نايم.
ركبت عربية من عربيات الشريطة وطلعنا على القسم، ولما وصلنا؛ دخلت ولقيت هناك ناس من سُكان العمارة ومعاهم عم حجازي، اللي أول ما شافني لقيته بيقول:
-شُفت اللي حصل يا أستاذ رضوان؟
ملحقتش أجاوب عليه؛ لأني دخلت مكتب مكتوب عليه رئيس المباحث، اللي أول ما شافني بَص لي وقال:
-حمد الله على سلامتك يا أستاذ رضوان، اتفضل ارتاح.
قعدت وأنا ببُص له وسألته:
-الله يسلّم حضرتك يا فندم، أقدر أعرف أنا هنا ليه؟
-أنت هنا عشان جريمة القتل اللي حصت.
بلعت ريقي لأن كلمة جريمة قتل مش حاجة بسيطة، وبرغم كده ردّيت:
-قتل إيه حضرتك؛ أنا مُش فاهم حاجة!
-الست نورا جارتك، اتشنقت في شقّتها بعد ما حفلة الحنّة خلصت، وبعدها اترمت من بلكونة الدور السابع.
بمجرَّد ما سمعت الخبر لقيت نفسي وقفت من مكاني، لكني لقيته بيشاور لي ناحية الكرسي وهو بيقول:
-اقعد يا أستاذ رضوان.
قعدت وأنا في قمة ذهولي، وساعتها سألني تاني:
-تعرف إيه عن الست نورا؟
-معرفهاش، أنا كنت مسافر ووصلت من كام ساعة بس، حتى عرفت من عم حجازي البواب إن الشقة اللي قدامي سكنت، وإن اللي سكنها هي الست نورا.
-كل ده عرفناه من البواب.. لكن لمّا طلعت شقتك، ملاحظتش أي شيء غريب عندها؟
-كل اللي لمحته كان خيال ستات ظاهر من ورا إزاز الباب، مكانش في أي شيء غريب.
-البواب قال إن بعد ما الستات اللي عندها نزلوا، الست نورا كانت واقفة في البلكونة، وده معناه إن اللي ارتكب الجريمة من جوَّه العمارة.. وبرغم كده هنستدعيهم وناخد أقوالهم.
كلامه كان قالقني، عشان كده سألته:
-حضرتك هو أنا مُتَّهم بحاجة؟
-أنا مقدرش أوجّه لحد اتهام دلوقت، لسَّه في تقرير أدلة جنائية ونيابة وتقرير طبيب شرعي، وطول ما القاتل مجهول يبقى الكُل مُشتبه فيه، وأنت جارها، والجريمة حصلت بعد ما أنت وصلت، يعني كنت جوَّه العمارة زيك زي أي ساكن، ولازم أتحفَّظ على كل الموجودين عشان تحقيق النيابة؛ حتّى خطيبها اللي كانت هتتجوّزه بُكره، لسَّه جاي من السفر من يومين، وموجود برَّه مع الناس عشان التحقيق.
خرجت من المكتب وقعدت مع الناس، كان جنبي عم حجازي البواب، ولأنّي اتّاخدت من الدار للنار زي ما بيقولوا ومكنتش فاهم حاجة، لقيت نفسي بسأله:
-هي إيه الحكاية يا عم حجازي؟
ساعتها رفع وشه ناحيتي وجاوبني:
-الله يرحمها ملحقتش تفرح، بعد ما الحنّة خلصت والستات اللي عندها روَّحوا بيوتهم، شُفتها واقفة في البلكونة، وبعد ما دخلت بشوية سمعت حاجة اتهبدت قدام العمارة، ولما خرجت أشوف إيه الحكاية، لقيت مرمية وحبل الستارة ملفوف حوالين رقبتها، والدم كان خارج من بوقها وودانها من رزعتها في الأرض.
-تفتكر مين اللي يعمل عملة زي دي؟
-علمي علمك يا أستاذ رضوان، يا خبر ببلاش!
قعدنا لحد ما حضرنا عرض النيابة تاني يوم الصُبح، أخدوا أقوالنا وكنت شامم ريحة اتهام في كلام وكيل النيابة معايا، لمَّا لمَّح لي وقال إني جارها في الدور السابع، وإن الجريمة حصلت بعد وصولي من السفر.. لكن وأنا عند وكيل النيابة الباب خبَّط، بعدها دخل شخص معاه ظرف، سلِّمه لوكيل النيابة وهو بيقول له:
-تقرير الطب الشرعي يا فندم.
وكيل النيابة فتح الظرف وطلَّع الورق اللي فيه، وبعد ما قرأه؛ لقيته بيقول لي:
-امضي على أقوالك يا أستاذ رضوان، وبعدها تقدر تتفضَّل.
كنت آخر واحد من اللي أخدوا أقوالهم، عشان كده لما خرجت من عند وكيل النيابة مكانش في حد موجود، أخدت بعضي ورجعت على العمارة، وهناك لقيت كذا شخص من السّكان متجمعين، مكنتش فاكر منهم غير الأستاذ غازي، وغالبًا باقي السُّكان سكنوا في العمارة بعد ما أنا سافرت، وكان معاهم عم حجازي البواب، اللي أول ما شافني قال لي:
-الست نورا انتحرت يا أستاذ رضوان.
في سرِّي؛ كنت بلعن الظروف اللي جابتني في الليلة دي بالتحديد، يعني أنزل بعد خمس سنين شقى؛ وبدل ما أرتاح ألاقي نفسي داخل في سين وجيم بسبب اللي حصل لجارتي اللي أنا أصلًا معرفهاش، لكني ردّيت عليه وقُلت له:
-الله يرحمها.
في اللحظة دي الأستاذ غازي اتدخَّل في الحوار، وبعد ما سلِّم عليا لقيته بيقول لي:
-تقرير الطبيب الشرعي بيقول إنها انتحرت، الإنسان لما بيكون وحيد مبيكونش باقي على الدنيا.
-وِحدة إيه اللي بتتكلم عنها يا أستاذ غازي، دي حنّتها كانت امبارح والمفروض فرحها كان النهارده، يعني واحدة مكانها المفروض تكون حريصة على حياتها، وبعدين عم حجازي قال لي إنها وقعت من البلكونة وكان في حبل حوالين رقبتها، يعني لو كانت انتحرت وشنقت نفسها، إزاي هترمي نفسها من البلكونة بعد ما تموت؟!
-أنا فضلت في النيابة لحد ما تقرير الطبيب الشرعي وصل، وسمعت اتنين بيتكلموا وقالوا حالة انتحار، وإن الحبل اللي حوالين رقبتها كانت محاولة انتحار وفشلت، معرفتش تشنق نفسها، عشان كده لجأت للمحاولة التانية، حدفت نفسها من فوق، والطبيب الشرعي قال مفيش أي أثر لوجود شبهة جنائية.
-عشان كده بعد ما وكيل النيابة قرأ التقرير طلب منّي أمضي على أقوالي وأمشي.
-كنت هتبقى أكتر واحد صوابع الاتهام بتشاور عليه، لأنك صاحب الشقة اللي جنبها، وهي ماتت بالطريقة دي بعد ما أنت وصلت بشوية.
-وإيه السبب اللي يخليني أعمل كده، أنا لا أعرفها ولا في دافع واحد يخليني أرتكب جريمة زي دي.
-أنت عارف إن في الحالات دي كل حاجة بتتاخد في الاعتبار، يعني ممكن يقولوا إنك راجع تعبان من السفر وكنت عاوز تنام، وصوت الأغاني كان مضايقك، ولما طلعت تتكلم معاها حصل بينكم شَد والموضوع اتطور وعملت دَه في لحظة غضب، لكن ربنا ستر، على العموم ربنا يرحمها ويغفر لها.
لما الحوار انتهى أخدت بعضي وطلعت على فوق، وقدام باب الشقة وأنا بفتح الباب؛ عيني جت على شجرة الكريسماس من تاني، فرع النور اللي ملفوف عليها كان مطفي، وباب شقة الست نورا كان مقفول.. دخلت شقتي وقفلت الباب، واترميت على كنبة الأنتريه، مكانش فيا حيل أكمل لحد الأوضة، وبرغم إن الجَو بَرد، لكن عيني غمَّضت من التعب اللي كنت فيه، محسِّتش بنفسي غير وأنا بفتح عيني على صوت حد قدام الشقة، قُمت من على الكنبة وكل اللي في دماغي إن ده حد من قرايب الست نورا..
أخدت بعضي ومشيت لحد باب الشقة، ولما فتحته وخرجت أشوف مين اللي برَّه، لقيت باب شقة الست نورا مفتوح، وساعتها شُفت واحدة بتعدل فرع النور الملفوف على شجرة الكريسماس، وبمجرد ما شُفتها لقيت نفسي برجع لورا لحد ما خبطت في باب شقتي!
السِّت اللي شُفتها كانت واقفة على راسها ورجليها لفوق، شعرها كان مفرود وراها على البلاط، وكانت بتتعامل مع الشجرة عادي وكأنها واقفة على رجليها، وبمجرد ما لاحظت إني موجود، بصَّت ناحيتي ووشها بقى ليّا، عينيها كانت مبرَّقة ولسانها طالع، والدَم نازل من ودانها ومناخيرها وبُقّها، ولمحت حبل ملفوف حوالين رقبتها، وهو دَه اللي خلاني أرجع بضهري لورا وأنا مرعوب ورجليا مُش شيلاني!
دخلت الشقة وقفلت الباب ورايا، فضلت واقف في الصالة.. كنت بحاول أهدّي ضربات قلبي اللي زادت، وفي نفس الوقت كل تركيزي كان برَّه الشقة، كنت منتظر أسمع صوت أو أحِس بأي حركة، لكني مسمعتش حاجة، وفضلت على الحال ده لحد ما سمعت الأسانسير وهو بيُقف في الدور بتاعنا، ولمّا بابه اتفتح سمعت خطوات بتقرَّب، بعدها باب شقتي خبَّط، ومع الخبطة جسمي اتكلبش في بعضه..
قرَّبت من الباب وأنا شايف خيال حد واقف وار الإزاز، ساعتها بلعت ريقي وسألت بصوت مهزوز:
-مين؟
-افتح يا أستاذ رضوان؛ أنا حجازي.
برغم إني سمعت صوت عم حجازي؛ لكن برضه كنت مرعوب من جوايا، أصل اللي شُفته مكانش سهل..
قرَّبت من الباب وفتحته، وأول ما عم حجازي شافني قال:
-معلش لو أزعجتك، بَس حبّيت أقول لك إن في حد من قرايب الست نورا الله يرحمها كلمني، وقال إنهم استلموا جثتها وهتندفن في بلدهم، وطلبوا مني أشوف أي حد يأجر الشقة، وأنت الجار بتاعها، ومن باب الأصول إني أعطيك خبر، عشان لما تشوف حد كده ولا كده يبقى عندك خبر.
معرفش ليه وهو بيكلمني دماغي استعادت المنظر اللي شُفته من شوية، كنت سرحان فيه لدرجة إني مكنتش مركّز كويس مع عم حجازي، وهو كان ملاحظ دَه، عشان كده سألني:
-أنت معايا يا أستاذ رضوان؟
-ها.. معاك يا عم حجازي، برغم إنه مش وقته يطلبوا طلب زي ده، لكن خلاص ماشي بالتوفيق.
كنت برُد عليه وعيني على باب شقة الست نورا، بالتحديد عند شجرة الكريسماس، وساعتها كنت شايف دَم على الأرض مكان الست اللي كانت واقفة على راسها، معرفش الدم دَه ظهر إمتى وإزاي، لكن قُلت جايز من الصدمة اللي كنت فيها ملاحظتش وجوده، وفي اللحظة دي شاورت ناحية الدَّم وقُلت:
-في دَم عند شجرة الكريسماس يا عم حجازي!
لمّا بَص عند الشجرة لقيته بينفي الكلام اللي بقوله، وساعتها لمّا بصيت تاني كان الدم اختفى، حسيت إن دماغي بتلِف بيا لأني مش فاهم إيه اللي بيحصل، لكن عم حجازي علَّق على كلامي وقال:
-أنا مراعي الظروف يا أستاذ رضوان، مهما كان أنت جاي من سفر طويل، واتفاجئت باللي حصل، أكيد أعصابك تعبانة، وكلنا والله أعصابنا تعبانة، الله يرحمها بقى، كانت سِت أميرة وطيبة وبتحب الناس، دي حتى من يومين طلبت منّي أشتري لها شجرة كريسماس، رُحت اشتريتها وحطيتها في مكانها اللي أنت شايفه ده.
-وهي الست نورا كانت عايشة إزاي لوحدها برغم إن عندها أهل في بلد تانية.
-والله البيوت أسرار يا استاذ رضوان، بس في مرة كنت بشتري طلبات كانت طلباها مني، ولما طلعت الشقة لقيتها بتتكلم في التليفون، كانت بتحكي عن طليقها اللي عاشت معاه سنين مرار، وفي النهاية اتطلقت منه غصب عنهم، ومن وقت للتاني بتغيّر مكانها عشان محدش يعرف يوصل لها، لحد ما جت اشترت الشقة دي، ومن وقتها وهي عايشة لوحدها، لحد ما في مرة سمعتها بتتكلم في التليفون وبتقول إنها اتخبطت وهتتجوز ليلة رأي السنة، عشان دي الفترة اللي خطيبها هينزل فيها من السَّفر، واختاروا ليلة رأس السنة عشان يبقى عيد جوازهم مع رأس السنة، وإنها بعتت لأهلها بلَغتهم من باب العلم بالشيء، لكن بعد ما ماتت بقى والشرطة بلغت أهلها، رقمي وصل لقريبها ولقيته بيكلمني وطلب منّي اللي أنت عرفته دَه.
-أومال ليه انتحرت لما الدنيا ظبطت معاها ولقت الشخص اللي بتتمناه.
-والله علمي علمك، عن نفسي معرفش أكتر من اللي أنت سمعته ده.
بعدها سابني ونزل، دخلت شقتي وقفلت الباب، فضلت أفكر في كلامه، وبعد تفكير طويل وصلت لإن أهل الست نورا دي ناس أهم حاجة عندهم هي المادة، لأن أول حاجة فكروا فيها إنهم يكلموا البواب يشوف حد يأجر الشقة، منتظروش حتى لبعد الأربعين.
قعدت على كنبة الأنتريه ودماغي كانت بتستعيد المنظر اللي شُفته من تاني، أي نعم مشوفتش الست نورا قبل كده، لكن التفاصيل بتقول إن اللي شُفتها تبقى هي، أوعشان أكون دقيق في الكلام، عفريتها أو شبحها، أنا دايمًا أسمع إن اللي بيموت مقتول بيطلع له عفريت في المكان اللي اتقتل فيه، بس الكلام اللي وصلني إن محاولة الانتحار الأولى فشلت، وإنها رَمت نفسها من الدور السابع وماتت تَحت، يعني ماتت برَّه الشقة وبرَّه العمارة كلها، يبقى ليه أشوف شبحها قدام الشقة!
اتفزعت من مكاني لما سمعت صوت فرقعة، عيني راحت ناحية باب الشقة وملقتش حاجة، ساعتها افتكرت إن الأحداث اللي حصلت معايا؛ خلتني أنسى إن دي احتفالات رأس السنة..
الساعة كانت 12 صباحًا، والصوت كان صوت الألعاب النارية اللي كانت منوَّرة السما، قُمت من مكاني وقرَّبت من باب البلكونة، الدنيا كلها كانت بتحتفل، ماعدا عمارتنا والمحيط بتاعها، أصل محدش هيحتفل في وجود حالة انتحار مفاتش عليها غير ليلة واحدة.
أخدت بعضي ورجعت مكاني، بعدها سمعت صوت خبط على باب الشقة، قُلت أكيد عم حجازي رجع من تاني، بس يا ترى جاي يبلغني بإيه المرَّة دي..
قُمت من مكاني ومشيت ناحية الباب، وقبل ما أفتح لاحظت إن مفيش خيال حد ورا الإزاز، برغم إن الخبط كان مستمر، وقفت وأنا مبحلق في الإزاز ومستغرب، ومع استمرار الخبط، لقيت نفسي بكمل طريقي وبفتح الباب، عشان أتفاجئ إن مفيش حد قدام باب الشقة، قُلت أكيد تهيؤات، أصل اللي حصل لازم يسيب أثر ويخلي دماغ الواحد تودّي وتجيب..
قرَّرت أدخل وأقفل الباب، وساعتها عيني جَت على الأرض قدام باب الشقة، وفي اللحظة دي لمحتها من تاني، بَس المرَّة دي مكانتش واقفة على راسها، دي كانت نايمة على بطنها في الأرض، عينها مفتوحة ومبرَّقة فيا ولسانها طالع لبرَّة، جسمي اتحوّل للوح تلج من الخوف، اتخشّبت مكاني ومقدرتش أتحرك، وبرغم كده المسافة بيني وبينها كانت بتزيد، لأنها كانت بتزحف على بطنها وراجعة ناحية شقتها، واللي خلاني أترعب أكتر، هي إنها كملت زحف ودخلت الشقة برغم إن الباب كان مقفول!
في المرَّة دي مقدرتش أدخل الشقة، أخدت بعضي ونزلت على تَحت، ولما وصلت المدخل ملقتش عم حجازي، بس لقيت باب أوضته مقفول، خبَّطت عليه عشان أصحّيه من النوم، ولمّا فتح الباب سألني:
-خير يا أستاذ رضوان!
على قد ما أقدر سيطرت على حالة الخوف اللي جوايا وقُلت له:
-شقة الست اللي اسمها نورا دي فيها حاجة مش مظبوطة.
بَص لي من فوق لتحت ومكانش فاهم كلامي وقال:
-تقصد إيه؟
-زي ما سمعت.. تاني مرَّة أشوفها قدام الشقة وهي مقتولة، اتصرَّف يا عم حجازي، كلم حد من أهلها يجيب شيخ يقرأ في الشقة ولا يعملوا أي حاجة، أنا مش هعرف أعيش بالطريقة دي.
-أعوذ بالله من الشيطان، أكيد روحها ساكنة الشقة، ما هي الناس اللي بتتقتل أرواحهم بتفضل متعلقة لحد ما حقهم يرجع، والله أعلم دي قتلت نفسها ليه.
-أنا مليش دعوة بالكلام ده، أنت لازم تتصرَّف.
-طيب أنا عندي حل، أنا معايا نسخة من مفتاح الشقة، قريبها طلب منّي أخليه معايا عشان أشوف مستأجر، أنا هجيب شيخ الصبح يقرأ في الشقة ولا من شاف ولا من دري، لحد ما نشوف ساكن ياخد بحسّها.
بعد ما اتكلمت معاه طلعت الشقة والخوف كان لسَّه مسيطر عليا، فضلت قاعد في الأنتريه، عيني كانت بتروح ناحية باب الشقة من وقت للتاني..
الاحتفالات كانت لسَّه شغالة، لحد ما اتفاجئت إن المكان قدام الباب بقى ضلمة، وبعدها بدأت ألمح أضواء ملونة من الإزاز، أزرق على أحمر على أخضر، استغربت الإضاءة دي جاية منين، لكن بعد شوية قدرت أربط بينها وبين فرع النور اللي كان ملفوف على شجرة الكريسماس، لأن الفرع كان بنفس الألوان..
بلعت ريقي وقُمت من مكاني، مكنتش عمري أتخيل إني أقضي احتفالية مرعبة في رأس السنة زي ما بيحصل معايا.. أخدت بعضي ورُحت ناحية الباب، لكن المرة دي مفتحتش الباب، واكتفيت بإني فتحت الشراعة الإزاز، وساعتها شُفتها بنفس الهيئة اللي بشوفها فيها، الفرق الوحيد إنها كانت قاعدة في الأرض قدام شجرة الكريسماس وفرع النور شغّال، وباب شقتها كان مفتوح والإضاءة جوَّه كانت باللون الأحمر، وفي الوقت ده، قدرت ألمح ظِل أسود غريب واقف جوَّه شقتها!
رغم إن اللي قدامي هو أكتر شيء مرعب شُفته في حياتي، لكني فضلت أتابع اللي بيحصل، لحد ما لمحت الظل الأسود اللي في شقتها بيتحرَّك، ومع الحركة بتاعته لقيتها التفتت ناحيتي فجأة، وفي اللحظة دي؛ الشُّراعة الإزاز اتقفلت من نفسها، لدرجة إن الإزاز كان هيتكسر من شدة الرزعة!
بمجرد ما الشراعة اتقفلت النور رجع قدام الباب، وبدون ما أفتح الإزاز؛ كنت عارف إن الدنيا برَّه طبيعية، مكانش في صوت ولا أضواء ملونة.. أخدت بعضي ورجعت على الكنبة، قعدت وانتظرت النهار يطلع عشان عم حجازي يجيب الشيخ اللي قال عليه..
الوقت كان تقيل لكنه فات، وبعد الفجر بشوية؛ سمعت الأسانسير بيتفتح، وبعدها سمعت صوت عم حجازي وهو بيقول:
-اتفضل يا سيدنا الشيخ.
قمت ومشيت ناحية الباب وفتحت الشراعة الإزاز، شُفت عم حجازي وهو بيفتح باب الشقة وجنبه راجل كبير في السن، جسمه نَحيف وشعره أبيض وضهره محني بدرجة بسيطة، بعدها دخلوا وقفلوا الباب وراهم، وقفت أشوف إيه اللي هيحصل.. مع الوقت مكنتش سامع غير صوت الشيخ اللي كان بيقرأ آية الكرسي بصوت عالي، وكان كل ما ينتهي منها يعيدها من تاني، لحد ما نور الشقة بدأ يقيد ويطفي، وحسيت إن زلزال بيضرب الشقة دونًا عن العمارة كلها، لدرجة إن بابها كان بيتهز وكأن في حاجة جوَّه عايزة تكسره وتخرج..
مع الوقت صوت الشيخ اختفى والدنيا رجعت لطبيعتها، وبعدها الباب اتفتح، ساعتها شُفت عم حجازي وهو خارج والشيخ ساند على دراعه، جسمه كان غرقان عَرَق برغم إننا في الشتا، وفي طريقهم للأسانسير؛ عم حجازي لمحني فاتح الشراعة وواقف، بَص لي وكمل طريقة ونزل في الأسانسير مع الشيخ..
الفضول كان قاتلني، لدرجة إني منتظرتش أعرف إيه الحكاية، خرجت وأخدت بعضي ونزلت من على السلم، ولما وصلت المدخل، لقيت عم حجازي داخل من بوابة العمارة بعد ما الشيخ مشي، وأول ما شُفته سألته:
-إيه الأخبار، أنا كنت شايف باب الشقة وكأن في حد بيخلعه من مكانه.
-أومال لو شُفت اللي أنا شُفته يا أستاذ رضوان، أنا طول عمري أسمع بالحاجات دي لكن أول مرة أشوفها، الشيخ كانت روحه هتطلع لكن ربنا ستر، لكن الحمد لله، الشقة بقت نضيفة.
-هو شبح الست نورا كان صعب للدرجادي؟
-ياريته كان شبحها.. أول ما دخلنا الشقة لقيت الشيخ بيتلفت حوالين نفسه، وبعدها بدأ يقول حاجات في سرُّه مكنتش سامع منها حاجة، وبعد ما خلَّص وسألته إيه الحكاية؛ قال إن الشقة فيها جِن حد محضَّره.
لمَّا سمعت الكلام اللي بيقوله لقيتني بسأله:
-أنت كنت بتلاحظ على الست نورا دي حاجة غريبة؟ يعني بتسمع عندها أصوات، أو بتعمل أي حاجة مش مفهومة، أو يكون لها في السِّحر والكلام اللي بالك فيه ده.
-ما أنا لما الشيخ قال كده فكّرت نفس تفكيرك، لكن دي كانت ست طيبة وفي حالها، عشان كده سألته نفس سؤالك، وقال إن الجِن ده اتحضَّر في مكان تاني، لكن اللي حضَّره مصرفوش بعد المهمة اللي اتحضَّر عشانها، ومن هنا اتحوّل لجِن عاشق وفضل مع الست نورا، وغالبًا هو اللي خلاها تنتحر لما كانت خلاص هتتجوز.
-يعني الحكاية مطلعتش الشبح بتاعها ولا قرينها؟
-لأ؛ الحكاية طلعت غير اللي كنا فاهمينه خالص.
-ويا ترى الشيخ قال مين اللي حضَّر الجِن ده؟
-سألته وقال إنه ميعرفش، أو جايز عارف ومرضيش يقول، المهم إن الشقة دلوقت مفيهاش حاجة، وهعمل زي ما قريبها ده طلب مني، هشوف لها ساكن ياخد بحسّها بدل ما تتهجر وتتسكن تاني.
كانت أغرب راس سنة قضيتها في حياتي، احتفال أسود وبداية غير مطمئنة لسنة جديدة لسه بكرتونتها محدش يعرف هي مخبية إيه، انتحار وتحقيق وجِن حد محضَّره؛ وشيخ ييجي يصرفه، وعفريتة واحدة انتحرت بتظهر لي، كل ده كان بيدور في بالي وأنا طالع في الأسانسير بعد ما خلصت كلامي مع حجازي، لكني افتكرت إني شُفت شبحها؛ وشُفت الجِن اللي قال عنه إنه جِن عاشق في نفس الوقت، وده لما كنت واقف ورا الباب وفتحت الشراعة الإزاز، والدنيا كانت ضلمة وشقتها مفتوحة ومنوَّرة بالأحمر، وده معناه إن فيه شيء تاني موجود في الشقة غير الجِن اللي الشيخ قال إنه صرفه!
وصلت شقتي ودخلت وقفلت الباب، وبعد ما حجازي بلغني إن الحكاية خلصت، لقيت نفسي بفتكر النوم؛ اللي عيني مشافتوش من وقت ما رجعت، دخلت الأوضة واترميت على السرير وشديت فوقي اللحاف ورُحت في النوم، وبعد وقت طويل؛ فتحت عيني من تاني على صوت قدام باب الشقة، قُمت أشوف إيه الحكاية، لكن قبل ما أفتح باب الشقة؛ سمعت صوت عم حجازي وهو بيقول:
-اتفضل يا باشا.
قُلت أكيد عم حجازي شاف ساكن للشقة.. سيبته لحد ما الساكن دخل وهو أخد الأسانسير ونزل، ساعتها نزلت وراه، ولما قابلته تحت سألته:
-بالسرعة دي لحقت تشوف ساكن.
-أنا مشوفتش ساكن ولا لحقت أعمل حاجة، كل الحكاية إن قريب الست نورا الله يرحمها اتصل عليا، وقال لي إن في واحد معرفته جاي يقعد في الشقة كام يوم عشان عنده شغل هنا، وطلب مني أفتح الشقة وأعطيه نسخة المفتاح.
يادوب جاوب على سؤالي؛ وسمعنا صوت حاجة بتتهبد قدام العمارة، سابني وخرج يشوف إيه الحكاية، ولما وصل عند البوابة لقيته بيصرخ وطالع بيجري برَّه، ولما طلعت وراه شُفت واحد مرمي في الأرض، في نفس المكان اللي كان متحدِّد بالطباشير في مسرح الجريمة ليلة ما الست نورا انتحرت، وساعتها كان حجازي بيصرخ وبيقول:
-الراجل اللي ساكن في شقة الست نورا اترمى من البلكونة!
كلاكيت تاني مرَّة؛ كل حاجة اتعادت بالكربون، مسرح الجريمة وعربيات الشرطة، والتحقيقات، وفي النهاية تقرير الطبيب الشرعي قال إنها حالة انتحار!
بعد أيام عم حجازي راح لأهل الست نورا، عشان يتكلم معاهم يشوفوا صرفة في الشقة، لأن الحكاية عندنا في المنطقة بقت متشافة من زاوية تانية، وهي إن شقة الست نورا شقة ملعونة، صاحبتها انتحرت من بلكونتها، وإن الساكن اللي سكن الشقة بعدها انتحر بنفس الطريقة، عشان كده محدّش هيفكر يشتري الشقة أو يسكن فيها، بعد ما حصل فيها حالتين انتحار وبنفس الطريقة.. لكنه لما قابل أخوها الصغير، طلب منه يخلي المفتاح معاه ويأجر الشقة، وإنه هيبقى يحصل منه الإيجار كل نهاية شهر لما الشقة تتأجر، لكنه لما رجع من بلد الست نورا، كان راجع ومعاه تفاصيل مكناش نعرفها، وهو إن الشخص اللي انتحر ده يبقى طليق الست نورا، اللي اتطلقت منه من سنين وسابته وهربت، وعرف إنه بيشتغل شغل شمال في الأثار، وإنه بارع في الحكاية لدرجة إنه بيسخّر بنفسه الجِن اللي يطرد الرصد اللي على المقابر، وإنه بيستخدم الجِن عشان يعرف أماكن المقابر اللي تحت البيوت القديمة، وبمجرد ما يعرف إن فيه بيت تحته مقبرة؛ بيروح يشتريه من أصحابه، وبيضاعف السعر عشان يغريهم يبيعوا، وبعدها بيجيب رجالته تحفر ويطرد الرصد وياخد اللي في المقبرة ويبيع البيت ويشوف غيره، وعرف كمان إن أخو الست نورا الكبير كان بيشتغل معاه، وطلع هو قريبها اللي كان بيتواصل مع حجازي، واللي بعد ما الحكاية اتعرفت اتقبض عليه بتهمة الاتجار في الأثار، وإنه اتصل به عشان يخلّي طليقها يقعد كام يوم في الشقة، لأنه كان رايح يقابل واحد يشتري منه أثار!
بعد ما عرفت كل ده، قدرت أربط الأحداث بكلام الشيخ.. كده طليق الست نورا كان بيحضَّر جِن عشان الشغل الشمال اللي بيعمله، لكنه حضَّره ومصرفوش، ومن هنا اتحوّل لجن عاشق وفضل معاها، ولما قرَّرت تتجوز خلاها تنتحر..
ده غير إن سبب طلاق الست نورا بقى واضح، هي اتطلقت وهربت بعد ما اكتشفت حقيقة طليقها، كمان مقدرتش تسكن في بلدهم عشان متبقاش تحت إيد أخوها الكبير، اللي مصلحته كانت من مصلحة طليقها، وكانت بتغيَّر مكانها من وقت للتاني، لحد ما القَدر جابها تسكن في الشقة اللي جنبي.. لكن كان في سؤال تاني محيَّرني، ليه طليقها لما دخل الشقة انتحر بعدها، برغم إن الشيخ قال إنه صرف الجِن؟!
كنت بفكَّر في الحكاية دي وأنا قاعد في الصالة، ساعتها سمعت حركة قدام الباب، ولما قمت وفتحت الشراعة الإزاز ووقفت أشوف إيه الحكاية، شُفت الست نورا من تاني، بَس المرَّة دي كانت واقفة، عينيها كانت مبرَّقة كالعادة ولسانها طالع لبرَّه والحبل ملفوف حوالين رقبتها، كانت بتنقل عينيها بين شجرة الكريسماس وباب الشقة المقفول والعكس، وبعد كده اختفت!
لمَّا نزلت وحكيت اللي شُفته لعم حجازي، أخد بعضه وجاب الشيخ من تاني، دخلوا الشقة والمرة دي كنت معاهم، ساعتها الشيخ بَص لنا وقال:
-الشقة نضيفة مفيهاش أي حاجة.
لكنه مكانش مكتفي باللي قاله، ده بدأ يقرأ في الشقة؛ وبعد ما انتهى قال إنه قرأ من باب التحصين مش أكتر، وساعتها بَص لي وقال:
-اللي أنت شُفته النهارده يبقى قرينها، أدّى المهمة اللي عنده ومشي، ومتستغربش إنه كان بيظهر لَك، القرين مبيهداش لحد ما ياخد حق صاحبه، بيفضل يظهر لحد ما يخلَّص مهمته.
رغم إن الشيخ مقالش أكتر من كده؛ لكني كنت فاهم، مهمة القرين كانت انتحار طليق الست نورا، اللي سخَّر الجِن وكان السبب في إن يبقى معاها جِن عاشق اتسبب في انتحارها، وإن قرينها ما صدَّق إنه دخل برجليه للشقة اللي انتحرت منه، عشان يخلَّص حق صاحبته؛ الست نورا، اللي لمَّا فسَّرت تصرَّف قرينها في آخر مرَّة شُفته فيها، فهمت إنه خلص مهمته ومش راجع، لأنه زي ما يكون كان بيودّع الشقة.
من بعد الحكاية دي والشقة مقفولة، ورغم إن الدايرة اتقفلت؛ الست نورا انتحرت؛ وطليقها مات بنفس الطريقة، وأخوها الكبير اللي رماها الرمية دي أخد جزاؤه، يعني الدايرة اتقفلت ومحدش بقى له حاجة عند حد، حتى الجِن والقرين انصرفوا، إلا إن الشقة فضلت مقفولة، لأن ريحتها فاحت في المنطقة، ومع الوقت مفتاح الشقة اتسلّم لأخو الست نورا الصغيّر، لأن الشقة فضلت مقفولة، عشان كل ما عيني تيجي عليها، أفتكر ليلة رأس السنة اللي عمري ما أتوقع إنها ممكن تتكرر مرة تانية في حياتي.. حتى البوابين ومنهم عم حجازي، لما حد كان بيسأل عن شقة، كانوا بيدلّوه على أي شقة تانية؛ غير شقة الست نورا، لأن خبطتين في الراس توجع، ودي حصلت فيها حالتين انتحار ورا بعضهم!
***
تمت…